إدارة الشئون الفنية
الركوع فضائله وأحكامه

الركوع فضائله وأحكامه

19 أبريل 2024

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 10 من شوال 1445هـ الموافق 19 / 4 / 2024م

الرُّكُوعُ فَضَائِلُهُ وَأَحْكَامُهُ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(  [آل عمران 102].

أَمَّا بَعْدُ:

فَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِجْلَالَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ وَأَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَصَاحِبُ الْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، هُوَ الْعَظِيمُ فِي ذَاتِهِ، الْعَظِيمُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ [البقرة:255]، وَلِعَظَمَتِهِ ذَلَّتِ الْكَائِنَاتُ، وَخَضَعَتِ الْمَخْلُوقَاتُ؛ قَالَ تَعَالَى: ]أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ[ [الحج:18].

وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَوَاطِنِ تَعْظِيمِ اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ : مَوْطِنَ الرُّكُوعِ، ذَلِكُمُ الرُّكْنُ الْأَصِيلُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْفِعْلُ الْجَلِيلُ مِنَ الْعِبَادَاتِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ ‌فَعَظِّمُوا ‌فِيهِ ‌الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ« [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَلِعَظِيمِ مَقَامِ الرُّكُوعِ وَفَضْلِهِ وَأَهَمِّيَّتِهِ؛ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَقَالَ: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [الحج:77]، وَذَمَّ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَأْنَفُونَ مِنْهُ، فَقَالَ: ]وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ[ [المرسلات:48]، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ إِلَّا إِذَا أَتَمَّ الْمُصَلِّي رُكُوعَهُ وَاطْمَأَنَّ فِيهِ؛ عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا ‌يُقِيمُ ‌صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ« [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

إِنَّ الرُّكُوعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَهُوَ: انْحِنَاءٌ مِنَ الْعَبْدِ الضَّعِيفِ لِرَبِّهِ وَمَلِيكِهِ، وَتَذَلُّلٌ لِخَالِقِهِ وَمُدَبِّرِ أُمُورِهِ، بِهِ يَتَمَثَّلُ الْخُضُوعُ لِعَظَمَةِ الْجَبَّارِ، وَتَتَجَلَّى صُوَرُ التَّطَامُنِ لِلْعَزِيزِ الْقَهَّارِ، فَهُوَ رُكْنُ تَعْظِيمٍ وَإِجْلَالٍ، يُطَأْطِئُ الْعَبْدُ رَأْسَهُ، وَيَطْوِي صُلْبَهُ وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ؛ ذُلًّا لِمَوْلَاهُ، وَعُبُودِيَّةً لِخَالِقِهِ الَّذِي سَوَّاهُ، وَاسْتِسْلَامًا لِأَمْرِ بَارِيهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ.

وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا يَأْنَفُونَ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَكْرَهُونَهُ؛ لِمَا يَرَوْنَ فِيهِ مِنَ الذُّلِّ؛ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (إِنَّ قُرَيْشًا إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِهِمْ قَالَ: لَا أُجَبِّي –أَيْ: لَا أَرْكَعُ- فَيَرْمِي نَعْلَهُ الْأُخْرَى)، فَاسْتَشْعِرْ أَيُّهَا الْعَبْدُ وَأَنْتَ رَاكِعٌ؛ أَنَّكَ لِرَبِّكَ طَائِعٌ، وَلِخَالِقِكَ مُنْكَسِرٌ وَخَاضِعٌ، وَأَنَّكَ مُنْحَنٍ لِكِبْرِيَائِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَعَظَمَتِهِ؛ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (وَأَدَبُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّكُوعِ: أَنْ يَسْتَوِيَ وَيُعَظِّمَ اللَّهَ تَعَالَى، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ).

وَقَدِ اعْتَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّكُوعِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، وَبَيَّنَ فَضْلَهُ وَعَظِيمَ مَنْزِلَتِهِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: »مَنْ ‌رَكَعَ ‌رَكْعَةً أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً؛ ‌رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، وَحُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ« [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: »مَا مِنِ امْرِئٍ ‌مُسْلِمٍ ‌تَحْضُرُهُ ‌صَلَاةٌ ‌مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا؛ إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّ أَصْحَابَهُ عَلَى الْعِنَايَةِ بِالرُّكُوعِ وَإِقَامَتِهِ كَمَا يَنْبَغِي، وَيُحَذِّرُهُمْ مِنَ التَّفْرِيطِ فِيهِ وَالنَّقْصِ مِنْهُ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «‌أَتِمُّوا ‌الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذَا مَا سَجَدْتُمْ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »لَوْ مَاتَ عَلَى حَالِهِ هَذِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »مَثَلُ ‌الَّذِي ‌لَا ‌يُتِمُّ ‌رُكُوعَهُ ‌وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ مَثَلُ الْجَائِعِ يَأْكُلُ التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ لَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ شَيْئًا» [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

عِبَادَ اللهِ:

وَلَمَّا كَانَتْ حَالَةُ الرُّكُوعِ حَالَةَ ذُلٍّ وَخُضُوعٍ ؛ شُرِعَ فِيهِ مِنَ الذِّكْرِ مَا يُنَاسِبُ هَيْئَتَهُ، مِنْ ذِكْرِ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصْفِهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: »سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ« [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]، وَمِمَّا كَانَ يَقُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُكُوعِهِ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِ، وَتَنْزِيهًا لَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَنَقْصٍ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]، وَكَانَ يَقُولُ أَحْيَانًا: »سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ« [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَأَتُوبُ إِلَيْه؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب: 70- 71].

أَمَّا بَعْدُ:

فَالرُّكُوعُ رُكْنٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ، جَلِيلُ الْمَكَانَةِ، وَهُوَ عِبَادَةٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَرْكَعَ وَيَنْحَنِيَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّحِيَّةِ وَالتَّشْرِيفِ، لَا لِأَبٍ وَلَا لِأُمٍّ وَلَا لِمُعَلِّمٍ وَلَا لِغَيْرِهِمْ؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ، أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: »لَا« [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ].

وَإِنَّ أَفْضَلَ الرُّكُوعِ -عِبَادَ اللَّهِ- ؛ مَا كَانَ عَلَى صِفَةِ رُكُوعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ يُجَافِي وَيُبَاعِدُ بَيْنَ مَرْفِقَيْهِ، وَكَانَ يَعْتَدِلُ فِي رُكُوعِهِ، فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلَا يَخْفِضُهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ يُسَوِّي ظَهْرَهُ وَيَطْمَئِنُّ؛ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَكَانَ إِذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ، حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَاسْتَقَرَّ) [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ يُعَلِّمُهُ الرُّكُوعَ: »فَإِذَا رَكَعْتَ فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، ثُمَّ فَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، ثُمَّ امْكُثْ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَهُ« [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ].

عِبَادَ اللهِ:

أَدُّوا الرُّكُوعَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ، وَاتَّبِعُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ؛ فَالرُّكُوعُ رُكْنُ تَعْظِيمٍ لِلرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ بِالْقَلْبِ وَالْقَالَبِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْحُنَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ، أُولِي الْفَضْلِ الْجَلِيِّ، وَالْقَدْرِ الْعَلِيِّ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالْآلِ وَالْأَزْوَاجِ وَالْقَرَابَةِ. اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَ الْبِلَادِ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُ صَالِحَةً فِي رِضَاكَ، وَارْفَعْ بِهِ رَايَةَ الْحَقِّ وَالدِّينِ، وَارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْمُصْلِحِينَ، وَانْفَعْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني